هل لدينا تراكم معرفي كبير عن “الطفل والطفولة” يعكس حقيقة اهتمامنا الشديد بأطفالنا؟ يبدو أن الإجابة لن تكون ضافية، إذ بالرغم من أهمية مرحلة الطفولة وخطورتها، فإن ما أنجز عنها في شتى حقول المعرفة الأكاديمية، يبقى في حاجة إلى الكشف والمساءلة والتفعيل. ولعل هذه المرحلة العمرية مؤطرة بتصور ثقافي يحيل على الفطرة واللامبالاة. وتبقى الثقافة السائدة بالمجتمع العربي هي ثقافة الكبار، فنحن نبحث لدى الطفل عن الرشد دون أن نفكر في خصوصية المرحلة نفسيا واجتماعيا، أو أن نفكر بما كان عليه قبل أن يصبح راشدا.
إن هذا التصور تتخلله من حين لآخر بعض الالتفاتات الخاصة نحو الطفل والطفولة. وهكذا نسمع في الحقل الأدبي عن “أدب الطفل”، وفي الحقل السياسي عن “برلمان الطفل”، وفي الحقل الاجتماعي عن ” مرصد الطفل”…
إن مثل هذه الالتفاتات، تدفعنا إلى فتح ملف الطفل والطفولة، الذي بحكم تعقده، تتقاطع في مقاربته والاشتغال به مجموعة من التخصصات والمؤسسات، ونظرا لتعدد التصورات والمواضيع التي تنتج هذه التقاطعات، فإن اللجنة المنظمة تقترح جملة من المحاور:
1- مفهوم الطفولة والأنساق المؤثرة فيه (أين تبدأ و أين تنتهي؟) وهل لدينا طفولة واحدة أم عدة طفولات؟
2- المعطيات الديمغرافية عن الطفل في تاريخ المغرب ،و ضبط المحاولات الكشفية والوصفية، وما موقع الطفولة في الهرم السكاني، وما هي العوامل المحددة لذلك؟
3- حضور موضوع الطفل والطفولة في المصادر بمختلف أجناسها: كتب التاريخ العام، التاريخ الخاص، كتب الآداب، المناقب، الفهارس، النوازل، التراجم، كتب البدع، كتب الحسبة، المأثورات الشعبية، كتب الرحلات، علم الاجتماع، الأنتربولوجيا…
4- وضعية الطفل من خلال واقعه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، والتحولات الدولية المرصودة في هذا المجال.
5- حضور الطفولة في الرواية وفي أدب الأطفال، وفي كتب السير الذاتية.
6- دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية التربوية في تكوين الطفل وتحقيق التوازن النفسي، ومؤشرات هذا التكوين.
7- رصد سيكولوجيا الطفل وسيكولوجيا النمو في مجتمعاتنا المعاصرة.
8- الوضعية الصحية للطفل المغربي عبر مختلف المراحل التاريخية، وكذا في اللحظة الراهنة.
برنـــــامـــج الندوة
اليوم الأول: الخميس 15 نونبر 2007
الجلسة الصباحية الجلسة الافتتاحية: رئيس الجلسة : ذ. عبد الحق الصدق
9:00 ـ 09:20: آيات بينات من القرآن الكريم، القارئ مصطفى منشار.
9:20 ـ 09:40: كلمة المركز من تقديم ذ. رشيد بلحبيب.
09:40 ـ 10:00: كلمة المجموعة ذ. نور الدين الموادن.
9:30 ـ 9:50: حفــل شــاي.
الجلسة الثانية: المحور التاريخي رئيس الجلسة: ذ. طارق مدني
10:00 ـ 10:20 : مظاهر العناية بالطفل والطفولة في تراث ابن الخطيب، ذ.رابح المغراوي ـ كلية الآداب، وجدة.
10:20 ـ 10:50 : ألعاب الطفل بالمغرب في العصر المريني، ذ. مصطفى نشاط، ـ كلية الآداب ـ وجدة.
10:50 ـ 11:10: الطفل والطفولة بين الغرب الأوربي والغرب الإسلامي، ذ. نور الدين الموادن ـ كلية الآداب، وجدة.
11:10 ـ 11:30 : الطفل في الوثائق الحبوسية، ذ. مصطفى بنعلي المركز التربوي الجهوي، وجدة.
11:30 ـ 11:50 : الطفل من خلال نوازل الونشريسي، ذة. مارية دادي ـ كلية الآداب، وجدة.
11:50 ـ 12:10 : من مظاهر عناية المغاربة بالطفل، محمد السروتي ـ أستاذ زائر بكلية الناظور.
12:10 ـ : منـاقــشـــة
الجلسة المسائية الأولى : المحور الاجتماعي رئيس الجلسة الأولى : ذ. عبد الأحد الرايس
15:12 ـ 15:20 : مصادرة المستقبل، ما الطفل وما تحولاته، د. سمير بودينارـ مركز الدراسات والبحوث الإنسانية وجدة
15:20 ـ 15:40 : ملاحظات حول تربية الولدان من خلال مقدمة ابن خلدون، د. رشيد بلحبيب ـ كلية الآداب، وجدة ـ
15:40 ـ 16:00 : اهتمام الإسلام بالطفل، ذ. محمد منفعة ـ كلية الآداب، وجدة ـ
16:12 ـ 16:20 : المكانة الدينية و الاجتماعية للطفل عند الطائفة اليهودية بالمغرب، ذ. محمد لغرايب ـ كلية الآداب القنيطرة.
16:20 ـ 16:40 : الطفل من خلال الثقافة الشعبية المغربية، ذ. أحمد الكامون ـ كلية الآداب وجدة ـ
16:40 ـ 17:00 : الطفل في الثقافة اليهودية المعاصرة، ذ.عبد لكريم بوفرة ـ كلية الآداب وجدة ـ
17:00 ـ 17:20 : الطفل المغربي والمنظومة الإشهارية، ذ. بدر المقري ـ كلية الآداب وجدة ـ
الجلسة المسائية الثانية: المحور القانوني رئيس الجلسة الثانية : ذ. عباس بوغالم
17:20 ـ 17:40 : تشغيل الأطفال في القانون الدولي، ذ.عبد الحق الجناتي الإدريسي، كلية الحقوق وجدة.
17:40 ـ 18:00 : استغلال الأطفال في النزاعات المسحلة: دراسة إنسانية وقانوينة. ذ. لؤي ع الفتاح ـ كلية الحقوق وجدة.
18:00 ـ 18:20 : حماية حقوق الطفل بين التشريع الوطني والاتفاقيات الدولية، ذة نعيمة البالي- كلية الحقوق فاس.
18:20 ـ 18:40 : تجربة الجمعية المغربية في الدفاع عن الأطفال، ذ. محمد الرابحي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع وجدة.
18:40 ـ 19:00 : عمل الأطفال بالمغرب، ذ. حاجي البكاي ـ كلية الآداب وجدة
19:00 : مناقشة.
تقرير عن ندوة الطفل والطفولة: مقاربات متعددة
نظم مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، بتنسيق مع جامعة محمد الأول ومجموعة الدراسات في الديموغرافية التاريخية بوجدة. ندوة وطنية في موضوع :”الطفل والطفولة : مقاربات متعددة” . بحضور حشد من الفعاليات الفكرية والعلمية والإعلامية بالجهة، إضافة إلى أساتذة المؤسسات الجامعية والباحثين، وفعاليات من المجتمع المدني المتهمة بقضايا الطفولة.
وقد سعت الندوة التي استمرت طيلة يومين لتحقيق مجموعة من الأهداف والمقاصد، يأتي في مقدمتها الكشف عن التراكم المعرفي الكبير عن “الطفل والطفولة” الذي يزخر به التراث الإسلامي، والذي يعكس حقيقة أحد جوانب العناية الإسلامية بقضايا الطفولة تربية وتعليما، من أجل مساءلة وتفعيل هذا التراث والاستفادة منه، خصوصا وأن الاهتمام بقضايا الطفولة أصبحت اليوم استثمارا استراتيجيا للمستقبل، جعلت الطفل في صدارة الاهتمام للدول المتقدمة، وأضحت قضايا تؤثر بشكل مباشر في الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية.
وللإشارة فإن الغاية من الندوة هي رصد وضعية الطفولة من خلال مختلف الجوانب الاجتماعية والقانونية والصحية والأدبية التي شكلت المحاور الأساسية لجل المساهمات والعروض العلمية المقدمة في الندوة.
إذ شمل المحور التاريخي مثلا، أزيد من خمس مداخلات علمية كانت غايتها إبراز مظاهر العناية بالطفولة.في التراث الاسلامي عموما، وفي الكتابات المغربية خصوصا. من أجل إبراز غنى كتب التراث واهتمامها بقضايا الطفل اصطلاحا وحقوقا، والمساهمات لم تتوقف عند حدود القراءة والعرض بقدر ما حاولت التأكيد على ضرورة الرجوع إلى هذا الذخائر لاستخلاص ما يفيد في علاج إشكالات راهنة مرتبطة بالطفل، وهو ما يقتضي حسب بعض المداخلات قراءات جديدة تستمد رؤاها من نفس المنبع
ولاشك أن الغاية الأساس من بعث التراث التربوي تقتضي طرح جملة من المشاكل كمشكل نقص التوازن النفسي للطفل ومشاكل النمو السيكولوجي، والانقطاع المدرسي لفئة عريضة من الأطفال، وانعدام الجسور بين المحيط الأسري والمحيط المدرسي، وضعف أشكال التعامل البيداغوجي والصحي داخل المحيط الحضري والقروي
بينما شملت مداخلات المحور الاجتماعي عدة قضايا تجاوزت الإطار الديني الإسلامي، على الإطار الديني اليهودي، وفي هذا الصدد كانت كل من مداخلتي الدكتور محمد الغرايب، من كلية الآداب بالقنيطرة في موضوع:”المكانة الدينية والاجتماعية للطفل عند الطائفة اليهودية بالمغرب”، والدكتور عبد الكريم بوفرة في موضوع:”الطفل في الثقافة اليهودية المعاصرة” والتي أشار فيها إلى حرص اليهود على غرس التعاليم الدينية في نفوس الأطفال خلال سن مبكرة، إضافة إلى مداخلات أخرى تحدثت عن ” الطفل المغربي في المنظومة الإشهارية” للدكتور بدر المقري،
أما بالنسبة للمحور القانوني، فقد شهد مقاربات متعددة انطلقت من الحديث عن تشغيل الأطفال في القانون الدولي بمداخلة للدكتور عبد الحق الجناتي الإدريسي، … ثم أتت مساهمة الدكتورة نعيمة البالي من كلية الحقوق بفاس تحت عنوان:”حماية حقوق الطفل بين التشريع الوطني والاتفاقيات الدولية”، بينما ركزت مداخلة الدكتور حاجي البكاي حول رصد المعطيات المتعلقة بعمل الأطفال بالمغرب. ليختم اليوم الأول من الندوة بعرض تجربة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في دفاعها عن حقوق الأطفال سواء على الصعيد الجهوي أم الوطني.
أما بالنسبة لليوم الثاني من أيام الندوة فقد ركزت على محورين: تطرق الأول إلى الجانب الصحي حيث تمت فيه مقاربة الوضعية الصحية للأطفال خلال بعض الفترات التاريخية كما هو الشأن بالنسبة لمداخلة الدكتور بوجمعة رويان من كلية الآداب بالقنيطرة، في حين ركزت مداخلة الدكتور الحسن خرواع المختص في الأمراض العقلية حول “التوافق النفسي ومطالب النمو ومشكلات الطفولة”، أما المحور الثاني فتتعلق بالجانب الأدبي، حيث تناول المحور مجموعة من الأجناس الأدبية ذات العلاقة بالأطفال وفي هذا الإطار كانت مساهمة الدكتورة بشرى بنبلا باللغة الفرنسية حول مكانة الطفل المغربي من خلال أدب الرحلة، وكذا مداخلة الدكتور محمد قاسمي حول شعر الأطفال بالمغرب، إضافة إلى مداخلة الدكتور مصطفى الرمضاني التي كانت حول خصوصية الكتابة لمسرح الطفل …
إن اهتمام المركز بقضايا الطفل والطفولة تندرج ضمن محاولاته الجادة لرصد جزء من التحولات البنيوية والظواهر المجتمعية التي أصبح يشهدها المغرب في السنوات الأخيرة، من قبيل ظاهرة الهجرة القروية التي خلفت من ورائها الكثير من الأزمات كان الأطفال في مقدمة الفئات التي عانت من ذلك، إضافة إلى ظاهرة طغيان القيم الاستهلاكية التي واكبت العولمة وما صاحبها من تراجع للقيم المجتمعية لصالح القيم المادية. ثم إن العناية بالطفولة أصبحت اليوم مقياسا لقياس مدى تقدم الأمم أو تخلفها، فإذا ما أردنا معرفة حال الأمة ومدى رقيها، نظرنا إلى الطفولة وما فيها، فإذا رأيناها سعيدة مهذبة صالحة، رأينا في ذلك نهضة الأمة وصلاحها… وإذا وجدنا غير ذلك، كان علامة تخلف وتدهور توجب إصلاحه وتقويمه.