إفادات التقديم وأشكاله الدلالية قراءة في بعض التشكيلات والأغراض ذات الطابع المعنوي الدكتور رشيد بلحبيب

تقديم : اختلاف دلالة التركيب بالتقديم والتأخير

لقد أصبح من المسلم به أن معنى الجملة ليس هو مجموع معاني المفردات التي تتألف منها بل هو حصيلة تركيب هذه المفردات في نمط معين حسب قواعد لغوية محددة تماما كما أن الساعة مثلا، ليست مجموع القطع المعدنية التي تتألف منها وإنما هي آلة تتكون من هذه القطع حسب قواعد معدنية لتؤدي وظيفة لا تؤديها أي من القطع وحدها ولا تؤديها كل القطع مجتمعة إلا إذا ركبت بطريقة محددة. (1)

لأن نسق الجملة وكيفية ترتيب الأجزاء فيها مما ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار، يقول الجرجاني :” وإن أردت أن ترى ذلك عيانا فاعمد إلى أي كلام شئت وأزل أجزاءه عن مواضعها وضعها وضعا يمتنع معه دخول شيء من معاني النحو فيها فقل في:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

(من نبك قفا حبيب ذكرى منزل ) ثم انظر هل يتعلق منك فكر بمعنى كلمة منها (2) ذلك لأن المعنى إنما يتولد فقط من ترتيب الألفاظ والعبارات (3) والمعاني هي معاني النحو بالتقديم والتأخير كما يقرر ذلك “السيرافي” (4)

ومعنى هذا أن لكل تركيب نظمه وترتيبه ومواقع ألفاظه، وقد صرح “باسكال” بأن الكلمات المختلفة الترتيب يكون لها معنى مختلف وأن المعاني المختلفة الترتيب يكون لها تأثيرات مختلفة أيضا (5)

إن تقديم ما هو متأخر وتأخير ما هو متقدم لمناسبة تقتضي ذلك جائز لا مشاحة فيه (6) وهذا الجواز ليس مجانيا بل ما من مقدم أو مؤخر يزال عن موضعه إلا ويترك ظلالا معنوية يخالف الوضع الثاني فيها الوضع الأول ومن ثم كان تقسيم التقديم إلى مفيد وغير مفيد مما أثار حفيظة الجرجاني حيث حاول الحسم هذه المسألة بقوله :” واعلم أن من الخطأ أن يقسم الأمر في تقديم الشيء وتأخيره قسمين، فيجعل مفيدا في بعض الكلام وغير مفيد في بعض وأن يعلل تارة بالعناية وأخرى بأنه توسعة على الشاعر والكاتب حتى تطرد لهذا قوافيه ولذلك سجعه ذاك لأن من البعيد أن يكون في جملة النظم ما يدل تارة ولا يدل أخرى، فمتى ثبت في تقديم المفعول مثلا على الفعل في كثير من الكلام أنه قد اختص بفائدة لا تكون تلك الفائدة مع التأخير، فقد وجب أن تكون تلك قضية في كل شيء وفي كل حال، ومن سبيل من يجعل التقديم وترك التقديم سواء أن يدعي أنه كذلك في عموم الأحوال، فأما أن يجعله شريجين فيزعم أنه للفائدة في بعضها وللتصرف في اللفظ من غير معنى في بعض فمما ينبغي أن يرغب عن القول به ” (7)

ويقول في موضع آخر :” ثم انظر إلى قول العرب : (ليس الطيب إلا المسك) وقول جرير : ألستم خير من ركب المطايا ونحو قول المتنبي : ألست ابن الألى سعدوا وسادوا .

وأشباه ذلك مما لا يحصى ولا يعد وأرد المعنى على ان يسلم لك مع قلب طرفي الجملة وقل: ( ليس المسك إلا الطيب) و(أليس خير من ركب المطايا إياكم) و(أليس ابن الألى سعدوا وسادوا إياك)، تعلم أن الأمر على ما عرفتك من وجوب اختلاف المعنى بحسب التقديم والتأخير (8)

ولقوة هذا الأمر كان الطبري –وهو يرى أن التقديم يكون مفيدا وغير مفيد، يجد في نفسه شيئا يمنعه من التصريح بأن تقديم إحدى الجملتين على الأخرى كتأخيرها عنها وذلك في قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة/4] (9)

لقد حاول البلاغيون التدليل على اختلاف الدلالات باختلاف التراكيب بالتقديم والتأخير واجتهدوا في بيان الفروق الدقيقة بين عبارات أصبحت رائجة في مصادرهم قديمها وحديثها من مثل :” زيدا ضربت” و”ضربت زيدا”، و”زيد المنطلق”و”المنطلق زيد” و”الحبيب أنت” و”أنت الحبيب” و”جاء زيد ضاحكا” و”جاء ضاحكا زيد”

*”زيدا ضربت ” و”ضربت زيدا” عبارتان ليستا بمعنى واحد “فإن في قولك “زيدا ضربت” تخصيصا له بالضرب دون غيره، بخلاف قولك :”ضربت زيدا” وبيانه هو أنك إذا قدمت الفعل فإنك تكون بالخيار في إيقاعه على أي مفعول أردت بأن تقول :”ضربت زيدا” أو عمرا أو بكرا أو خالدا، وإذا أخرت الفعل وقدمت مفعوله فإنه يلزم الاختصاص للمفعول على أنك لم تضرب أحدا سواه (10)

*”زيد المنطلق” و”المنطلق زيد”

وأما قولنا “المنطلق زيد” والفرق بينه وبين أن تقول “زيد المنطلق” ، فالقول في ذلك أنك وإن كنت ترى في الظاهر أنهما سواء من حيث كان الغرض في الحالين إثبات انطلاق قد سبق العلم به لزيد، فليس الأمر كذلك. بل بين الكلامين فصل ظاهر وبيانه : أنك إذا قلت :”زيد المنطلق” فأنت في حديث انطلاق قد كان وعرف السامع كونه، إلا أنه لم يعلم أمن زيد كان أم من عمرو، فإذا قلت “زيد المنطلق” أزلت عنه الشك وجعلته يقطع بأنه كان من زيد بعد أن كان يرى ذلك على سبيل الجواز –وليس كذلك إذا قدمت “المنطلق”، فقلت :”المنطلق زيد”، بل يكون المعنى حينئذ على انك رأيت إنسانا ينطلق بالبعد عنك، فلم تثبته ولم تعلم أنه أزيد هو أم عمرو، فقال لك صاحبك :” المنطلق زيد”، أي هذا الشخص الذي تراه من بُعد هو زيد (11)

قال الخوارزمي وأما زيد المنطلق فكلام مع من سمع بزيد ولا يعرفه بعينه كأنه يقول : زيد هذا المنطلق، وأما المنطلق زيد فكلام مع من سمع بالمنطلق ولا يعرفه فتعرفه إياه (12)

*”الحبيب أنت” و”أنت الحبيب” :

ومما يدل دلالة واضحة على اختلاف المعنى –إذا جئت بمعرفتين ثم جعلت هذا مبتدأ وذاك خبرا تارة وتارة بالعكس قولهم :”الحبيب أنت وأنت الحبيب”، وذلك أن معنى :” الحبيب أنت” أنه لا فصل بينك وبين من تحبه إذا صدقت المحبة، وأن مثل المتحابين مثل نفس يقتسمهما شخصان كما جاء عن بعض الحكماء أنه قال :” الحبيب أنت إلا أنه غيرك” فهذا كما ترى فرق لطيف ونكتة شريفة، ولو حاولت أن تفيدها بقولك :”أنت الحبيب” حاولت ما لا يصح، لأن الذي يعقل من قولك :”أنت الحبيب” هو ما عناه المتنبي في قوله :

أنت الحبيب ولكني أعوذ به من أن أكون محبا غير محبوب

ولا يخفى بُعد ما بين الغرضين.

فالمعنى في قولك :” أنت الحبيب” أنك الذي اختصه بالمحبة من بين الناس، وإذا كان كذلك عرفت أن الفرق واجب أبدا وأنه لا يجوز أن يكون “أخوك زيد” و”زيد أخوك” بمعنى واحد (13) .

*جاء ضاحكا زيد” و”جاء زيد ضاحكا”

فإنك إذا قدمت الحال فقلت :” جاء ضاحكا زيد”، فإنه جاء على هذه الصفة مختصا بها من غيرها من سائر صفاته بخلاف ما لو قلت :” جاء زيد ضاحكا”، فإنه كما يجوز أن يجيء على هذه الصفة فإنه يجوز مجيئه على غيرها من الصفات فافترقا (14)

لقد أثارت محاولات البلاغيين التمييز بين هذه الأزواج من العبارات بعض الدارسين من أمثال إبراهيم أنيس الذي قال عن الجرجاني :” وقد حاول عبد القاهر الجرجاني أن يفرق بين مثلين من صنعه هما :”زيد المنطلق” و”المنطلق زيد” فلقي من العنت والمشفقة ما أجهده وأجهدنا معه، ويظهر أن صعوبة تمييز المسند من المسند إليه في مثل هذه الجمل هو الذي ألجأ عبد القاهر وغيره إلى تكلف الشطط في علاجها .

وحاول حسم هذه المسألة بقوله إن هذه المزاوجات “لا تعدو أن تكون أمر أسلوب إذ لا يكاد المعنى يختلف بتأخير أحدهما أو تقديمه” (16)

ولعل إبراهيم أنيس حين أصدر حكمه هذا كان واقعا تحت تأثير التصور النحوي الذي لا شأن له بالدلالات الجزئية “فالمعنى لا يختلف سواء قدمنا أو أخرنا بينما يحدث التغيير في الدلالة ذاتها ففي قوله تعالى (وجعلوا لله شركاء الجن) [الأنعام/101] وجدنا المعنى العام أنهم جعلوا الجن شركاء وعبدوهم مع الله، أما الدلالة فتأتي من وراء الصياغة الإبداعية في التقديم والتأخير (17)

ولهذا لم يستطع برجشتراسر أن يقف عند حدود قوله :” والأقرب إلى الاحتمال هو ان يكون معنى زيد عين معنى جاء زيد” بل اعترف بالفرق في قوله :” وإنما الفرق بينهما أني إذا قلت :”جاء زيد” أخبرت عن مجيئه إخبارا محضا ولا يخالطه شيء غيره، فتقديم الفعل هو العبارة المألوفة، وإذا قلت : “زيد جاء” كان مرادي أن أنبه به السامع إلى أن الذي جاء هو زيد، كأني قلت :” زيد جاء لا غيره”

فتقديم الفاعل عبارة عن أن الأهم كون زيد هو الفاعل لا كونه فعل الفعل، وما ينبه به السامع على هذا المعنى شيئان :

الأول : تغيير الترتيب العادي، فكل شيء يخالف العادة هو اكثر تأثيرا في الفهم من المألوف.

والثاني : أن أول كلمة في الجملة هي على العموم المضغوطة في اللغة العربية إذا صرفنا نظرنا عما تبتدئ به الجملة من الأدوات كإن وأخواتها إلى غير ذلك (18)

فلم يجد بدا من الاعتراف بهذه الفروق الدلالية الدقيقة وإرجاعها إلى تغيير الترتيب الذي يجعل بداية الجملة مضغوطة معتنى بشأنها، وهذا الضغط هو ما سماه تمام حسان “بالمعنى الشأني” أو “البؤري” (19) وهو ما يفهم من تحديد بؤرة الاهتمام بمضمون اللفظ بواسطة التقديم والتأخير.

يمكن أن نستخلص مما سبق أن أي تغيير في النظام التركيبي للجملة يترتب عليه بالضرورة تغير الدلالة وانتقالها من مستوى إلى مستوى آخر، وملاك ذلك كله وتمامه الجامع له –كما ينص عليه البلاغيون ويلخصه الجرجاني- صحة الطبع وإدمان الرياضة فإنهما أمران ما اجتمعا في شخص فقصرا في إيصال صاحبهما عن غايته ورضيا له بدون نهايته – وأقل الناس حظا في هذه الصناعة ..لا يعبأ باختلاف الترتيب واضطراب النظم وسوء التأليف ..ولا يقابل بين الألفاظ ومعانيها ولا يسبر ما بينهما من نسب ولا يمتحن ما يجتمعان فيه من سبب(20)

علل التقديم وإفادته

لقد كان الدارسون قبل عبد القاهر يكتفي أكثرهم ببيان أصل العبارة في دراسة التقديم دون أن يحاولوا الكشف عن المعاني الإضافية للنصوص المختلفة بإدراك جانب من العلاقات الداخلية، فالراء –مثلا- لا يتجاوز تلك النظرة المحدودة التي تحصر التقديم والتأخير في وضع كلمة موضع الأخرى، وتبادل مكان الكلمتين فتفسح إحداهما مكانها للأخرى كان يقول في قوله تعالى :” ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى) [طه 127] يريد : ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما مقدم ومؤخر (21)

وقد سار على هذا النهج كل من أبي عبيدة في مجاز القرآن (22) وابن فارس (23) والثعالبي (24) دون أن يقفوا على الأسرار البلاغية والدلالية لأسلوب التقديم والتأخير.

وكذلك فعل ابن قتيبة حيث قال :” ومن المقدم والمؤخر قوله تعالى “(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما) [الكهف /1] أراد : أنزل الكتاب قيما، ولم يجعل له عوجا، ومنه (فضحكت فبشرناها بإسحاق) [هود /70] أي بشرناها فضحكت، وقوله (فكذبوه فعقروها) [الشمس/14] أي فعقروها فكذبوه بالعقر (25)

إلا أن الكتابات البلاغية المتخصصة تجاوزت بيان أصل العبارة بالنظر في أسباب التقديم ودلالاته، وتوصل أصحابها إلى أن ما قدم أو أخر لا يكون إلا لعلة بلاغية، وجعلوا علم المعاني مجال درسه وخاصة منه ما يتعلق بتقديم المسند والمسند إليه ومتعلقات الفعل وجعلوا لكل قسم عللا وأغراضا :

فالمسند إليه يتقدم :

1- لأنه الأصل ولا مقتضى للعدول عنه كتقديم الفاعل على المفعول والمبتدأ على الخبر .

2- أو ليتمكن في ذهن السامع لأن في المبتدأ تشوقا إليه .

3- أو أن يقصد تعجيل المسرة عن كان في ذكر المسند إليه تفاؤل أو المساءة إن كان فيه ما يتطير به .

4- أو إيهام أن المسند إليه لا يزول عن الخاطر.

5- أو إيهام التلذذ بذكره.

6- او تخصيص المسند إليه بالخبر الفعلي إن ولي حرف النفي.

7- أو تقوية الحكم وتقريره.

8- أو لإفادة العموم (26)

كما يتقدم المسند لأغراض منها :

1- تخصيص المسند بالمسند إليه مثل (ولله ملك السماوات والأرض) [النور/41] .

2- التنبيه من أول الأمر على أنه خبر لا نعت مثل (له همم لا منتهى لكبارها …)

3- التفاؤل بتقديم ما يسر مثل : عليه من الرحمن ما يستحقه .

4- التشويق إلى ذكر المسند إليه مثل : ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها (27)

ومن أغراض تقديم متعلقات الفعل :

1- الاختصاص : كقوله تعالى :” إياك نعبد وإياك نستعين” [الفاتحة/ 4]

2- الاهتمام بالمقدم كقوله تعالى :” قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء” [الأنعام/166]

3- التبرك : مثل قرآنا قرأت .

4- ضرورة الشعر .

5- رعاية الفاصلة كقوله تعالى “فأما اليتيم فلا تقهر” [الضحى/9-10] (28)

وهذه العلل أو الإفادات او الأغراض يمكن تقسيمها إلى قسمين :

1- قسم لفظي له صلة بالنظم والهدف منه تحسين العبارة من الناحية الشكلية وإضفاء طابع الجمالية والانسياب على العبارة كمراعاة الفاصلة والضرورة الشعرية.

2- قسم دلالي يختص بالمعاني الإضافية المتولدة عن التقديم كالعناية والاهتمام والتخصيص والتقوية..وقد ارتأيت أن أقف عند هذه الثلاثة باعتبارها كبرى الدوال التي ارتبطت بالتقديم وارتبط التقديم بها، أما ما عداها من المعاني الجزئية فقد اعتبرتها من مظاهر العناية وليست أقساما مستقلة بذاتها.

التقديم والعناية

مفهوم العناية

لقد صاغ البلاغيون بعض المبادئ التي يجدر بالباحث أن يضطلع بها في أثناء مقاربة التقديم والتأخير منطلقين من مبدأ عام يتعلق بإفادات العلاقات النظمية، ثم عن مصدر تلك الإفادات، وفسروا ظاهرة التقديم على أنها تركيز العناية والاهتمام بالعنصر المقدم، فالمتكلم يختار ترتيبا دون آخر باعتبار الظروف والمقاصد وهو يقدم ما العناية به أشد قصدا إلى التأثير في السامع الذي أصبح معتبرا في العملية التواصلية.

إن مفهوم العناية يمكننا من النظر في التحويلات الممكنة فرغم أن كل مكونات الجملة تهم المتكلم إلا أن هذا الاهتمام وهذه العناية ليسا على درجة واحدة، فالمقدم درجة الاهتمام به تفوق غيره يقول الجرجاني :” وإنما يكون التقديم والتأخير على قدر العناية والاهتمام” (29)

إذن فالأهم واجب التقديم(30) هذا أصل في تعليل التقديم- او كالأصل- وهو من جوامع الكلم وله اطراد في تعليل حالات التقديم والتأخير المختلفة فتقديم المسند إليه وتقديم المسند وتقديم متعلقات الفعل كل ذلك يكون من أجل العناية والاهتمام ولهذا عد “إلياس ديب” بيان الأهمية أهم الدواعي البيانية لتعليل التقديم وأصلا لباقي المتعلقات البلاغية الأخرى. (31)

وتفسير هذا أن التقديم دليل على أن المقدم هو الغرض بالذكر قد سيق أجله ففي قوله تعالى (لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل) [النمل/70] قدم اسم الإشارة الذي يريد به البعث فكان دليلا على أهمية البعث وأن الكلام قد سيق لأجله، وفي قوله تعالى (لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل) [المؤمنون/84] قدم (نحن وآباؤنا) على (هذا) فكان ذلك دليلا على أهمية المبعوثين وهم القصد من الحديث وليس البعث (32)

إن قضية العناية” التي تناولها علماء النحو والبلاغة واللغة وما زلنا نقرأ عنها حتى يومنا هذا في كتب النحو والنقد والبلاغة هي أساسها من صنع سيبويه فهو أول من أشار إليها وطرق بابها، يقول في (باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى المفعول) :” فإذا قدمت المفعول وأخرت الفاعل كقولك : ضرب زيدا عبدُ الله..وكان حظ اللفظ فيه أن يكون الفاعل مقدما وهو عربي جيد كثير كأنهم إنما يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم ببيانه أعنى وغن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم” (33)

وفي باب “كسى وما ينصب مفعولين ليسا المبتدأ والخبر” يرى أن التقديم لبيان العناية والاهتمام كما كان في تقديم المفعول على الفاعل، يقول :” وإن شئت قدمت وأخرت فقلت : كسي الثوب زيد وأعطي المالَ عبدُ الله كما قلت : ضربَ زيداً عبدُ الله فالأمر في هذا كالأمر في الفاعل (34)

كما يرى هذه العناية والاهتمام في تقديم الظرف أيضا يقول :” والتقديم ههنا والتأخير فيما يكون ظرفا أو يكون إسما في العناية والاهتمام مثله فيما ذكرت لك في باب الفاعل والمفعول وجميع ما ذكرت لك من التقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عربي جيد كثير” (35)

ويقول “في باب إن” أيضا :” واعلم أن التقديم والتأخير والعناية والاهتمام ههنا مثله في باب كان” (36)

لقد وضع سيبويه للتقديم والتأخير قاعدة عامة هي أنهم يقدمون ما يعنون به “وذلك أن من عادة العرب الفصحاء إذا أخبرت عن مخبر ما –وأناطت به حكما- وقد يشركه غيره في ذلك الحكم أو فيما أخبر به عنه، وقد عطفت أحدهما على الآخر بالواو المقتضية عدم الترتيب فإنهم مع ذلك يبدءون بالأهم والأولى قال سيبويه :” كأنهم يقدمون الذي شأنه أهم لهم ..”(37)

ولعل سيبويه بلفته النظر إلى هذا السر البلاغي الذي تلقفه علماء النحو والبلاغة يكون قد أثرى كثيرا من المباحث البلاغية (38) ولا شك أن هذا يدل على أنه كان من الأوائل الذين أسهموا في تأسيس البعد التعليلي النظري للتقديم وفيه ما فيه من مراعاة موقع الوحدات داخل الرسالة اللسانية والشروط المتميزة التي يفرضها عليه المقام التخاطبي.

وكنا نتوقع عند قراءة كتاب معاني القرآن للفراء وهو يعالج مسألة التقديم والتأخير أن يخطو بها خطوات عما كانت عليه عند سيبويه أول القائلين بالعناية والاهتمام ..ولكننا لم نجد في معاني القرآن هذا التوقع في تطور نظرته إلى التقديم والتأخير وأسراره البلاغية بل إننا لم نجد أنه انتفع بالأسرار البلاغية التي ذكرها سيبويه في هذا الباب، واكتفى الفراء بالقول إن في الآية تقديما وتأخيرا، أو هو من المقدم والمؤخر مسايرا في ذلك أبا عبيدة في نظرته الجامعة الخالية من كل إدراك لحقيقة التقديم والتأخير.(39)

ولعل من أهم الذين انتفعوا بمبدأ الاهتمام الذي أقره سيبويه عبد القاهر الجرجاني، فقد ذكر ذلك في دلائله وسعى إلى تسويغ تقدم اللفظ أو تأخره بالنظر إلى ما يمثله في السياق وذلك بتوظيف “الاعتبارات” في البحث عن مصدر اهتمام المتكلم ببعض الجزاء الكلامية دون بعض يقول الجرجاني :” واعلم أنا لم نجدهم اعتمدوا فيه شيئا يجري مجرى الأصل غير العناية والاهتمام قال صاحب الكتاب وهو يذكر الفاعل والمفعول : كأنهم يقدمون الذي بيانه أهم لهم …” ثم قال :” إن معنى ذلك أنه قد يكون من أغراض الناس في فعل ما أن يقع بإنسان بعينه ولا يبالون من أوقعه كمثل ما يعلم في حال الخارجي، يخرج فيعيث ويفسد ويكثر به الأذى، أنهم يريدون قتله ولا يبالون من كان القتل مه ولا يعنيهم منه شيء، فإذا قُتل وأراد مريد الإخبار بذلك فإنه يقدم ذكر الخارجي فيقول قتل الخارجيَّ زيدٌ، ولا يقول قتل زيدٌ الخارجيَّ لأنه يعلم أن ليس للناس في أن يعلموا أن القاتل له “زيد” جدوى وفائدة فيعنيهم ذكره ويهمهم” (40)

وقال في المقتصد معقبا على قول سيبويه :” يريد أنهم كانوا يقصدون ذكر كل واحد من المفعول والفاعل في قولك : ضرب الأمير زيدٌ، فإنهم يقدمون الذي هو أجزل حظا من العناية والاهتمام مفعولا كان أو فاعلا (41)

فالتعليل بالعناية عند الجرجاني ذو طابع عقلي، يقول تامر سلوم :” وفي التقديم نرى أن المعنى الوجداني ليس أصلا في حديث عبد القاهر الجرجاني إذ القول بالأهمية أو العناية وتأكيد الحكم ودعوى الانفراد ذو صبغة عقلية لا يتضح فيه تلمس الجانب الوجداني أو المعنى الأدبي ” (42)

لقد أصبح مبدأ العناية والاهتمام أصلا معتمدا عند البلاغيين المتأخرين الذين تابعوا سيبويه والجرجاني في دعوتهما إلى تسويغ تقدم اللفظ أو تأخره بالنظر إلى ما يمثله في السياق يقول الزمخشري في قوله تعالى ( إن خير من استأجرت القوي الأمين) [القصص/26]

“هذا كلام جامع لا يزاد عليه..فإن قلت : كيف جعل “خير من استأجرت” إسما “لإن” “والقوي الأمين” خبرا ؟

قلت هو مثل قوله :

ألا إن خير الناس حيا وهالكا

أسير ثقيف عندهم في السلاسل

في أن العناية هي سبب التقديم(43)

ويقول في قوله تعالى :” أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم) [مريم/46] لأنه أهم عنده وأعنى، وفيه ضرب من التعجب والإنكار لرغبته عن آلهته وأن آلهته ما ينبغي أن يرغب عنها أحد (44)

وقريب منه قول ابن الأثير في الآية نفسها :” ولم يقل : أأنت راغب لأنه كان أهم عنده وهو به شديد العناية” (45)

ولم يخرج السكاكي –وهو مقعد البلاغة العربية ومصنف أبوابها- عن ملاحظة سيبويه في التقديم، يقول :” والحالة المقتضية هي كون العناية بما يقدم أتم وإيراده في الذكر أهم والعناية التامة بتقديم ما يقدم والاهتمام بشأنه نوعان :

أحدهما أن يكون أصل الكلام في ذلك هو التقديم ولا يكون في مقتضى الحال ما يدعو إلى العدول عنه ..

وثانيهما : أن تكون العناية بتقديمه والاهتمام بشأنه لكونه في نفسه نصب عينيك وأن التفات الخاطر إليه في التزايد كما تجدك قد منيت بهجر حبيبك وقيل لك : ما تتمنى؟ تقول : وجه الحبيب أتمنى(46)

لقد جعل السكاكي التقديم للعناية مطلقا أي سواء كان المقدم من معمولات الفعل أو غيرها كما جعل الأهمية ههنا قسيما لكون الأصل التقديم، ومراده بالأهمية، الأهمية العارضة بحسب اعتناء المتكلم أو السامع بشأنه واهتمامه بحاله لغرض من الأغراض كقولك :” قتلَ الخارجيَّ فلانٌ” بتقديم المفعول لأن المقصود الأهم قتل الخارجي ليتخلص الناس من شره (47)

تقديم المفعول وتظاهر العناية :

لقد نبه البلاغيون على ما تفيده متعلقات الأفعال من تحديد المعنى وتصويره أو توكيده ورفع احتماله، وأشاروا إلى أن ما يقصده المتكلم في كلامه يكون هو الجزء الأهم ولذلك يذكر مقدما منصوصا عليه وخلافه من الأجزاء التي يمكن أن تتعلق بالأفعال تكون مطروحة ملقاة لا يلتفت إليها ما دام الغرض لم يتعلق بها، وفي هذا تحديد لأهمية متعلقات الأفعال على حسب أغراض المتكلم ومقاصده.

يقول الزمخشري:” وإذا كان الكلام منصبا إلى غرض من الأغراض جعل سياقه له وتوجهه إليه كأن ما سواه مرفوض مطروح” (48)

عن رتبة المفعول به التأخر عن الفعل والفاعل (49) إلا أنه يمكن أن يتقدم على الفاعل وعلى الفعل والفاعل (50) لعلل من بينها الاعتناء به ولكون الكلام إنما جيء لبيان المفعول (51) أو كانت الحاجة إلى ذكره أشد (52)

لقد شاع المفعول عند العرب واطرد من مذاهبهم كثرة تقدمه على الفاعل حتى دعا ذلك أبا علي إلى أن قال :” إن تقدم المفعول على الفاعل قسم قائم برأسه كما أن تقدم الفاعل قسم أيضا قائم برأسه” (53)

وقد بلغ تقديم المفعول على الفعل مرتبة أن أصبحت الصناعة النحوية تقبله دون أن تشير إلى أنه خرج عن أصل الرتبة العاملية التي تقتضي أن يكون المعمول بعد العامل (54) فالمفعول إذا تقدم صار الوضع له وكأنه لم يتقدم وإنما حل موضعه الطبيعي يقول ابن جني :” فصار تقديم المفعول لما استمر وكثر كأنه هو الأصل” (55)

وواضح أن ابن جني في معالجته لوضع المفعول به في التركيب قد وقف عند سرد ما يتفق مع قواعد النحو وما يختلف عنها مراعيا صحة القياس أو ضعفه أو فساده دون أن يذكر لنا أسباب التقديم البلاغية حتى إذا تقدم به الزمن وصنف المحتسب وجدناه يركز تركيزا شديدا على تقديم المفعول به وأهميته البلاغية.

وتظهر هذه الأهمية عند ابن جني من ناحيتين :

الأولى تقديم المفعول .

والثانية : حذف الفاعل وإسناد الفعل إلى المفعول .

وابن جني يشعر بخطورة ما يرمي إليه يقول : “ينبغي أن يعلم ما أذكره هنا، وذلك أن أصل وضع المفعول أن يكون فضلة، وبعد الفاعل كضرب زيدٌ عمرا.

-فإذا عناهم ذكر المفعول قدموه على الفاعل فقالوا : ضرب عمراً زيدٌ.

– فإذا زادت عنايتهم به قدموه على الفعل الناصب فقالوا : عمراً ضرب زيدٌ.

– فإذا تظاهرت العناية به عقدوه على أنه رب الجملة وتجاوزوا به حد كونه فضلة فقالوا : عمرو ضربه زيدٌ، فجاءوا به مجيئا ينافي كونه فضلة، ثم زادوا على هذه الرتبة فقالوا : عمرو ضرب زيدٌ، فحذفوا ضميره ونووه ولم ينصبوه على ظاهر أمره رغبة به عن صورة الفضلى وتحاميا لنصبه الدال على كون غيره صاحب الجملة، ثم إنهم لم يرضوا له بهذه المنزلة حتى صاغوا الفعل له وبنوه على أنه مخصوص به وألغوا ذكر الفاعل مظهرا أو مضمرا فقالوا : “ضرب عمروٌ”، فاطرح ذكر الفاعل البتة بل أسندوا بعض الأفعال إلى المفعول دون الفاعل البتة مثل قولهم : امتُقِعَ لونُه ولم يقولوا : امتقعه كذا..وهذا كله يدل على شدة عنايتهم بالفضلة لأنها تجعل الجملة تابعة في المعنى لها حتى إنها إذا لم تكن تابعة لها وكان المفعول مقدما منصوبا فإنه لا يعدم دليل العناية وهو تقديمه اللفظ منصوبا، وهذه صورة انتصاب الفضلة مقدمة لتدل على قوة العناية (56)

فابن جني يقرر أن تقديم المفعول يكون لنكتة بلاغية هي العناية بشأنه وأن هذه العناية تقوى وتضعف بحسب الحالات، وكلما قويت العناية اتخذ التقديم صورة جديدة وهذه الصورة تصل إلى أربع مراتب :

الأولى : أن يتقدم المفعول على الفاعل فقط.

الثانية : أن يتقدم على الفعل منصوبا.

الثالثة : أن يتقدم على الفعل مرفوعا ويصبح عمدة بعد أن كان فضلة مع الإبقاء على الضمير.

الرابعة : وهي أقواها وأرفعها منزلة لأنها تفضل الثلاثة بأن الجملة التي بعد المقدم تصبح مختصة به عندما تخلو من الضمير.

ولا شك أن كل حالة من هذه الأحوال تستعمل في مكانها المناسب وما يتفق مع حال المتكلم أو السامع .

وتمثل صورة بناء الفعل للمجهول وإسناده إلى المفعول في تحليل ابن جني قمة العناية، وعنده أن هناك درجات من هذه العناية سابقة على هذه الرتبة . (57)

ويحاول ابن جني في مواضع متفرقة تأكيد ما في بناء الفعل للمجهول وترك الفاعل من عناية، ففي قوله تعالى: (يوم يقال لجهنم)[ق/30] بالبناء للمجهول وهي قراءة ابن مسعود والحسن والأعمش، يقول إن هذا يدل على أن قولنا : ضُرب زيدٌ ونحوه لم يترك ذكر الفاعل للجهل بل لأن العناية انصرفت إلى ذكر وقوع الفعل بزيد عرف الفاعل به أو جهل (58)

وهو تفسير ذكي للأسلوب الذي وقف عنده من قبلُ سيبويه ومن بعدُ عبد القاهر الجرجاني، أسلوب البدء بالمفعول مع رفعه على الابتداء ثم بناء الفعل بعد ذلك عليه مع محاولة لتطوير هذا الأسلوب بالتطرق إلى مرحلة أبعد بحذف الضمير العائد إلى المبتدأ الذي كان في الأصل مفعولا، وكذلك تفسير لأسلوب البناء للمجهول بالنظر إلى هذا الأسلوب باعتباره ذروة العناية بالمفعول به وأن ذلك مرحلة تتعدى مجرد التقديم المكاني له على فاعله أو فعله أو كليهما (59)

ويبدو أن صاحب الخصائص قد اتخذ من كلا الأسلوبين أصلا يقيس عليه حالات أسلوبية أخرى، وعلى سبيل المثال نراه يقوي قراءة الجماعة لقوله تعالى: (كشجرة طيبة أصلها ثابت)[إبراهيم/26] على قراءة انس بن مالك (كشجرة طيبة ثابت أصلها) لأن الثبات في الحقيقة هو الأصل، فبقدر ذلك حسن تقديمه عناية به، ومسارعة إلى ذكره، ولأجل ذلك قالوا :” زيد ضربته” فقدموا المفعول لأن الغرض هنا ليس ذكر الفاعل وإنما هو ذكر المفعول فقدموه عناية بذكره (60)

إن فيما ذكرت دليلا قويا على تقدم المفعول به للعناية والاهتمام “فإن قدمت الإسم فهو عربي جيد كما كان ذلك عربيا جيدا وذلك قولك :” رأيت زيدا” والعناية والاهتمام ههنا في التقديم والتأخير سواء منك في “ضرب زيد عمرا، وضرب عمرا زيد” (61)

ولهذا يعتبر من ضروب الغفلة عن التراكيب العربية ما يذهب إليه بعض الباحثين المعاصرين أمثال ميشال زكريا الذي يرى أن استعمال المفعول مقدما على الفاعل أمر مشكوك فيه(62) وإبراهيم أنيس الذي يقول :” وليس يشفع في الانحراف الفاعل عن موضعه أو المفعول عن موضعه ما ساقه سيبويه من حديث العناية والاهتمام بالمقدم..فما قاله النحاة من جواز تقدم المفعول عن فاعله حين يؤمن اللبس لا مبرر له من أساليب صحيحة ولا يعدو أن يكون رخصة منَّ بها علينا بعض النحاة دون حاجة ملحة إليها ..” (63)

إن عدم امتلاك تصور شامل ومتين عن الإمكانات التركيبية في اللغة العربية هو ما شكل – في نظر بن حمزة- حائلا دون محاولة تطبيق مقتضيات أي فهم قوي معاصر على اللغة العربية (64) فضلا عما في مثل هذه الأحكام من نقص استقراء المادة اللغوية للشواهد المثبتة لهذا الاستعمال والتي تعد ملء السمع والبصر.

مظاهر العناية والاهتمام .

إن تقديم بعض المعمولات على بعض لا يكون إلا بكون ذلك البعض أهم، لكن ينبغي أن يفسر وجه العناية بشأنه ويعرف له معنى ولا يكفي أن يقال : قدم للعناية والاهتمام من غير أن يذكر من أين كانت تلك العناية وبم كان أهم (65)

وقد وقع في ظنون الناس أنه يكفي أن يقال : إنه قدم للعناية ..ولتخيلهم ذلك قد قصر أمر التقديم والتأخير في نفوسهم وهونوا الخطب فيه، ولعل ذلك ما ذهب بهم عن معرفة البلاغة ومنعهم أن يعرفوا مقاديرها. (66)

قال ابن يعقوب :” ثم كون الذكر أهم لا يكفي في علية التقديم لذاته، لأن الأهمية نفسها حكم يفتقر إلى علة توجبها إذ الأهمية بالشيء هي الاعتناء به والاعتناء لا بد له من سبب، فلذلك لو قيل : هذا أهم من ذلك كان هذا القائل بصدد أن يقال له لماذا كان أهم ؟ ومن أي وجه كانوا به أعنى ؟”(67)

ولذلك حين ألف شمس الدين بن الصائغ كتابه “المقدمة في سر الألفاظ المقدمة” قال فيه الحكمة الشائعة الذائعة في ذلك كما قال سيبويه في كتابه “كأنهم يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم ببيانه أعنى” قال :” هذه الحكمة إجمالية وأما تفاصيل أسباب التقديم وأسراره فقد ظهر لي منها في الكتاب العزيز عشرة أنواع : التبرك والتعظيم والتشريف والمناسبة والحث عليه والحض على القيام به والسبق والسببية والكثرة والترقي من الأدنى إلى الأعلى والتدلي من الأعلى إلى الأدنى” (68)

وبهذا يكون ذكر الأهمية كذكر القانون الجامع الجملي (69) الذي سنسعى إلى تفصيله منة خلال عرض بعض مظاهر وتجليات العناية الدائرة في فلك الانفعالات النفسية من تعجب واستعظام وفرح وحزن وتفاؤل وتشاؤم ومدح وذم وتشويق وتبكيت (70) باعتبار أن الأهمية هي المعنى المقتضي للتقديم وجميع المذكورات تفاصيل له (71) ومن مظاهر العناية :

*التشويق

يكون تقديم المسند لتشويق السامعين إلى ذكر المسند إليه، ووجود التشويق في المسند يكون بسبب اشتماله على طول بذكر وصف أو أوصاف تشوق إلى صاحب الوصف او الأوصاف، والغرض من التشويق أن يكون المشوق إليه يقع في النفوس ويكون له فيها محل من قبوله وذلك لان الحاصل بعد الطلب أعز وأمكن من المنساق بلا تعب، وإنما يرتكب هذا إذا كان مناسبا للمقال كقول الشاعر:

ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها

شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر

فالنفوس تشتاق إلى معرفة من ببهجته تشرق الدنيا وهو المسند إليه الذي هو قوله “شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر” (72)

يقول السكاكي :” إن تقديم المسند “ثلاثة” قد أثار نوع تشويق إلى ذكر المسند إليه “شمس الضحى وأبوإسحاق والقمر”، مما جعل نفس المتلقي متطلعة لمعرفة من هم هؤلاء الثلاثة حتى إذا استحكم ذلك منها ذكرهم لها، فكان هذا أدعى لتقبلها وتوكيد المعنى لديها وإحداث الاستجابة فيها لانشغالها عن تفقد موضع المبالغة غير المقبولة بما أثارته الظاهرة فيها من انفعال التشويق والتطلع (73)

فالحاصل – إذن- بعد التشوق ألذ وأمكن في النفس .

ومن شواهد هذه الظاهرة قول الآخر :

والذي حارت البرية فيه

حيوان مستحدث من جماد

فكون المسند إليه موصوفا بحيرة البرية فيه يوجب الاشتياق إلى أن الخبر عنه ما هو وقوله “حيوان مستحدث من جماد” خبر مسوق بعد التشويق إليه فيتمكن في ذهن السامع والحال قد اقتضى مزيد اهتمام بتمكينه في أذهان السامعين المحترز عن الضلال فيه ويزداد المهتدي فيه هدى، ولكونه أمرا عجيبا في نفسه تفزع النفوس إلى التهمم بتصوره (74)

ومن ذلك تشويق السامع إلى المسند إليه لغرابة المسند كقول الشاعر :

وكالنار الحياة فمن رماد 

أواخرها وأولها دخان (75)

فتقديم الكلمة مسندا إليها أو مسندا أو متعلقا من متعلقات الفعل يشوق النفس لتلقي الحكم المراد إثباته، وهذا يسرد في كثير من الظواهر الأسلوبية التي يكون ترتيب الألفاظ فيها في النطق على غير ترتيب وجودها الذهني المعتاد.

* تعجيل المسرة أو المساءة / التفاؤل والتشاؤم : (76)

يحصل الاهتمام بتقديم المسند إليه لما في تقديمه من تعجيل المسرة أو تعجيل المساءة وذلك بما فيه من التفاؤل فيفيد تقديمه تعجيل المسرة للسامع، أو لما فيه من التطير فيفيد تقديمه تعجيل المساءة، ولأجل هاتين الإفادتين كان لذكر المسند إليه المفيد لإحداهما مزيد اهتمام – فالأول وهو ما فيه تعجيل المسرة للسامع لأجل التفاؤل نحو :” سعدٌ في دارك”، ولا يخفى ما في لفظ “سعد” من التفاؤل (77)

وهو سماع المخاطب من أول وهلة ما يسر يقول الشاعر :

سعدت بغرة وجهك الأيام

وتزينت ببقائك الأعوام

يقول الدسوقي : فتقديم “سعدت” في هذا التركيب المؤدي إلى كون المسند إليه فاعلا مع صحة مخبره باعتبار تركيب آخر لأجل ما ذكر من التفاؤل، بخلاف لو أخر سعدت بالنظر للتركيب الآخر فلا يكون فيه تفاؤل (78)

والثاني هو ما فيه تعجيل المساءة للتطير نحو : “السفاح في دار صديقك”، ولا يخفى أيضا ما في لفظ “السفاح” الدال على سفك الدماء من التطير وإشعاره بالقتل والإهلاك (79)

وربما كان أيضا مما روعي فيه تأخير كلمة كريهة بالنسبة للنفس الإنسانية تلك الآيات الأربع التي ذكرت فيها كلمة “الضر”مثل :

(وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه) [يونس /12]

(وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم ) [الروم/ 32]

(فإذا مس الإنسان ضر دعانا ) [الزمر/46]

وشبيه بها بعض الآيات التي وردت فيها كلمة “الموت” مؤخرة في قوله تعالى : (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت) [البقرة/133]

(كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ([البقرة/179]

(حتى إذا جاء أحدكم الموت ) [الأنعام/62]

(من قبل أن يأتي أحدكم الموت) [المنافقون/10]

ولعل السر في هذا أن يكون -والله أعلم – نفورا من التعجيل بذكر كلمة كريهة على النفس البشرية (80)

فالنكتة في التقديم – كما قد تكون في التأخير- تعجيل المراد من الكلام لأجل خوف فوات الفرصة.(81)

*المدح والافتخار

ومن مظاهر العناية التقديم من أجل المدح أو الافتخار لأن من شأن المادح أن يمنع السامعين من الشك فيما يمدح فيه ويبعدهم عن الشبهة وكذلك المفتخر،

أما المدح فكقول الحماسي :

هم يفرشون اللبد كل طمرة

وقول الحماسي : فهو يضربون الكبش يبرق بيضه

وأما الافتخار فكقول طرفة :

نحن في المشتات ندعو الجفلى (82)

فتقديم هذه الضمائر دليل على الاعتناء بالممدوحين وتوكيد أوصاف المدح لهم، ولا تستقيم هذه المعاني إلا بالتقديم لأن في التأخير إضعافا وتبديدا للعناية وضياعا للمراد.

*التعظيم والتحقير :

يقدم المسند إليه لإظهار تعظيمه أو تحقيره (83)

والمقصود بالتعظيم تهويل الحكم المراد إثباته للمحكوم له وتعظيمه وتفخيمه في نفس المتلقي وإثارة الانفعال المناسب عنده، والمقصود بالتحقير خلافه.

يقول المغربي :” قلنا ” تعجيل” لأن إظهار التعظيم والتحقير حاصل بالتأخير أيضا والمختص بالتقديم تعجيل الإظهار او شبه ذلك كالاحتراز من أن يحصل في قلبه تخيل غير المحكوم عليه (84)

وهذا البعد النفسي من الأبعاد التي اكتفى البلاغيون بالإشارة السريعة إليها أيضا ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن الأسس النفسية التي تعتمد عليها والتي بها أصبحت قادرة على إثارة مثل هذه الانفعالات، وقد وجدناهم يكتفون بإيراد الشاهد والإشارة إلى الانفعال المناسب الذي يثيره لا غير (85)

*التبكيت والتعجيب

وقد يكون التقديم لإرادة التبكيت والتعجب من حال المذكور كتقديم المفعول الثاني على الأول في قوله تعالى ( وجعلوا لله شركاءَ الجنَّ) [الأنعام/101] والأصل : الجنَّ شركاءَ وقدم لأن المقصود التوبيخ، وتقديم الشركاء أبلغ في حصوله (86)

*التهكم

وقد يؤخر المسند للتهكم بالسامع كقول الشاعر :

تعاللت أشجى وما بك علة

تريدين قتلي قد ظفرت بذلك (87)

*التنبيه

ويقدم المسند لتنبيه السامع من أول الأمر على أنه خبر لا نعت كقوله تعالى (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) [البقرة/35]

وكقول الشاعر :

له همم لا منتهى لكبارها

وهمته الصغرى أجل من الدهر

يقول عبد القاهر :” وهذا الذي ذكرت من أن تقديم ذكر المحدث عنه يفيد التنبيه له قد ذكره صاحب الكتاب في المفعول إذا تقدم فرفع بالابتداء وبنى الفعل الناصب كان له عليه، وعدي إلى ضميره فشغل به كقولنا في “ضربت عبدَ الله” “عبدُ الله ضربته” ، فقال : وإنما قلت عبد الله فنبهته ثم بنيت عليه الفعل ورفعته بالابتداء (89)

ويقول الزمخشري في قوله تعالى :” إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابين والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر ) [المائدة/71]

فإن قلت : ما التقديم وما التأخير إلا لفائدة، فما فائدة هذا التقديم ؟

قلت : فائدته التنبيه على إن الصابئين يتاب عليهم إن صح منهم الإيمان والعمل الصالح فما الظن بغيرهم، وذلك أن الصابئـين أبين هؤلاء المعدودين ضلالا وأشدهم غيا، وما سموا صابئين إلا لأنهم صبئوا عن الأديان كلها .

كما أن الشاعر قد قدم قوله “وانتم” في قوله :

وإلا فاعلموا انا وأنتم

بغاة ما بقينا في شقاق

منبها على أن المخاطبين أوغل في الوصف بالبغاة من قومه حيث عاجل بهم قبل الخبر الذي هو البغاة لئلا يدخل قومه في البغي قبلهم مع كونهم أوغل فيه منهم وأثبت قدما (90)

* الإيهام أنه لا يزول عن الخاطر

بأن يجعل الاهتمام بتقديم المسند إليه لما في التقديم من إيهام أنه لا يزول عن الخاطر حتى إن الذهن إذا التفت لمخبر عنه لم يجد أولى منه فهو بالنسبة إلى الخاطر كاللازم بالنسبة للملزوم وذلك لكونه مطلوبا، والمطلوب لا يفارق تصوره في الذهن (91)

وإنما يقال “الإيهام” لأن عدم زواله عن الخاطر أمر ممكن عادة وإنما الحاصل إيهام عدم الزوال، ويدل على عدم الزوال على وجه الإيهام كون المذكور مطلوبا مرغوبا لأن المرغوب من شأنه لا يزول عن التصور (92)

إن معظم ما ذكر من علل التقديم هو من مظاهر العناية بالمقدَّم، وهو تفاصيل للعناية (93) إذ كانت العناية بمثابة القانون الجامع (94) ..وكانت هذه المعاني النفسية مظهرا لها، وهي لا تنحصر بعدّ بحيث يمكن تسجيل إلى جانب ما ذكر التقديم الذي يكون من أسبابه ضعف الاعتناء بالمسند إليه (95) أو إدخال الروع في ضمير السامع او لتقوية داعي المأمور أو الاستعطاف (96) وفي الوعد والضمان (97)

والذي يطبع هذه الظاهرة الأسلوبية البلاغية ويحكمها هو الأبعاد النفسية الانطباعية ذلك أن النفس تُعنى وتتطلع إلى تقديم الذي بيانه لها أهم وهي بشأنه أعنى فقد يشغل نفسَ المتلقي أمرٌ من الأمور وتتطلع إلى خبره وتتشوق إلى ما تم بشأنه لكون التعرف عليه مهما لديها، أو لأن أمورا مهمة تترتب عليه، فحينئذ ولكي يكون التعبير أكثر قدرة وقابلية على التأثير والإثارة يقدم فيه ما انعقد القلب به وإن كان حقه الترتيبي من حيث الوجود الذهني التأخير وذلك حتى يعجل للنفس ما تريد التعرف عليه فتطمئن وتستقر، وإلا فقَدَ النص قيمته لانشغال النفس عما يرد فيه بما تعلقت به وتأخر بيانه في النطق.(98)

وقد كان عبد القاهر الجرجاني –بعد سيبويه- أقرب البلاغيين إلى تفهُّم حقيقة هذه الظاهرة والكشف عن بعدها النفسي حينما ذهب إلى أن النفس إنما تُعنى بتقديم ما تهتم بشأنه وذلك لأنه ماثل نصب العينين وأن التفات الخاطر إليه في ازدياد.

ولعل هذا ما يجعل الحديث عن تقعيد مظاهر العناية مستعصيا فضلا عن التداخل الحاصل بين مصطلحات الملكات النفسية والطباع المركوزة وكثرة المترادفات التي تنحو منحى تقويا خالصا، فالبهجة والسرور والغبطة والتفاؤل والتعجيل بالمسرة في مقابل الألم والكرب والخوف واليأس والتشاؤم والتطير والتعجيل بالمساءة، ولا نعرف حدود معنى الكلمة وما استعمل بإزائها : أين ينتهي ليبدأ معنى آخر ! (99)

ولعل هذا ما أزعج إبراهيم أنيس ودفعه إلى التصريح بقوله :” لا معنى لأن ننساق مع البلاغيين حين يعزون المسند إليه إلى أمور تلمسوها من شواهد معينة كالتمكين في ذهن السامع والتعجيل بالمسرة أو المساءة والاستلذاذ والتعظيم والتحقير ..ومن الغريب أنهم يجعلون نفس هذه الأسباب أو معظمها داعيا من دواعي تقدم المسند أيضا (100)

إن هذا القول مع ما فيه من صحة من جهة كونه يشرح مشكلا من مشاكل البلاغة العربية وهي الافتقار إلى التأصيل وتوحيد الأدوات والمصطلحات المتداخلة والمتضاربة إلا أنه يتجاهل الجانب الانطباعي أو الشخصي الذي لا مفر منه في التعامل مع لغة النص أو اللغة التي نستعملها “لأن مجال التحليل في هذه الحال أوسع من مجال تحليل الجملة نحويا” (101)

لقد اتضح من خلال ما سبق – بما لا يدع مجالا للشك – أن العناية ومظاهرها أصل من أصول التعليل البلاغي لظاهرة التقديم والتأخير وأن ارتباطها بالملكات النفسية المعبر عنها بما تفرع عن العناية الدالة على حسن مراعاة المخاطب وسبر أغوار نفسه أمر لا يمكن تجاهله البتة.

الهوامش

(1) ينظر علم الدلالة العربي، فايز الدايةص21، والتقدير وظاهر اللفظ، داود عبده، ص6، (الفكر العربي) والاتجاه الوظيفي، يحي أحمد ص 78-88.

(2) الدلائل ص410.

(3) محاضرات في علم اللسان العام، سوسير ص176.

(4) المقابسات ص68-76 والإمتاع والمؤانسة 1/121.

(5) نظرية اللغة، عبد الحكيم راضي ص213.

(6) أضواء على متشابهات القرآن : ياسين : 1/154.

(7) الدلائل ص110-111.

(8) المصدر نفسه ص188-189.

(9) تفسير الطبري 1/53، وتفسير القرطبي 1/145 أنظر البلاغة القرآنية، أبو موسى ص288.

(10) الطراز، الشيخ حمزة العلوي 2/65-66.

(11) دلائل الإعجاز ص186-187، ونهاية الإعجاز ص159، وشرح الكافية، للرضي 1/100، ومختصر التفتازاني 2/98-102-103 ومواهب الفتاح 2/98.

(12) التخمير 1/175-176.

(13) الدلائل ص190-191 يقول ابن القيم :” وإن لم يكن الخبر مفيدا لم تفد المسألة شيئا، وكان لا فرق بين تقديم الخبر وتأخيره كما إذا قلت : في الدنيا رجل كان في عدم الفائدة بمنزلة قولك : رجل في الدنيا، فهنا لم تمتنع الفائدة بتقديم ولا تأخير وإنما امتنعت من كون الخبر غير مفيد”بدائع الفوائد” 2/148-149.

(14) الطراز 2/72-73.

(15) من أسرار اللغة ص323.

(16) المرجع السابق ص324، وانظر إحياء النحو ص55.

(17) البلاغة والأسلوبية، عبد المطلب ص252.

(18) التطور النحوي للغة العربية، برجشتراسر، ص133.

(19) الأصول، تمام حسان ص385.

(20) الوساطة ص412-413.

(21) معاني القرآن : 2/195.

(22) مجاز القرآن 1/24- 2/13.

(23) الصاحبي ص412-413.

(24) فقه اللغة وسر العربية ص322.

(25) تأويل مشكل القرآن ص158، وانظر البلاغة لاقرآنية، أبو موسى ص99، وأثر النحاة في البحث البلاغي، عبد القادر حسين ص137، والبلاغة العربية بين القيمة والمعيارية، أبو الرضا ص22.

(26) مفتاح العلوم ص93، والإيضاح ص101، وشروح التلخيص 2/389.

(27) مفتاح العلوم ص105، الإيضاح ص101، البرهان 3/233 وشرح التلخيص 2/109.

(28) نهاية الإيجاز ص 316، والبرهان 3/253، والإيضاح ص52-53 وانظر: نظرية اللغة، عبد الحكيم راضي ص215-216.

(29) المقتصد 1/330.

(30) مفتاح العلوم ص194-195.

(31) أساليب التأكيد في اللغة العربية ص66.

(32) فن البلاغة، عبد القادر حسين ص107.

(33) الكتاب 1/14-15، والنكت الأعلم الشنتمري ص113.

(34) المصدر السابق 1/19 والنكت ص129-132.

(35) المصدر السابق 1/27.

(36) المصدر السابق 1/285، والنكت ص 631.

(37) البرهان 3/235.

(38) نظام الجملة العربية ص132.

(39) أثر النحاة في البحث البلاغي ص137.

(40) الدلائل ص107-108، وانظر: نظرية اللغة، عبد الحكيم راضي ص220، والبلاغة القرآنية ص100.

(41) المقتصد 1/311.

(42) نظرية اللغة والجمال، تامر سلوم ص131.

(43) الكشاف 3/403.

(44) المصدر السابق : 3/20.

(45) المثل السائر 2/215-216 قال ابن الأثير الحلبي :” فقدم الخبر على المبتدأ للاهتمام به” جوهر الكنز ص 125، وانظر البسيط 1/310.

(46) مفتاح العلوم ص 236، وانظر التلخيص ص 135-136 والإيضاح ص 209، والإشارات والتنبيهات ص 87، وعروس الأفراح 2/160، ومواهب الفتاح 2/154.

(47) المطول ص202.

(48) الكشاف 4/8 وذلك بعد تعليقه على قوله تعالى (إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما ) [يس/13]

(49) الكتاب 1/104.

(50) المصدر السابق 1/46-68-243، والدلائل ص131، والحلل ص 98-99.

(51) البسيط 1/276-277.

(52) حسن التوسل ص 156-157، والمطول ص 203-204.

(53) الخصائص 1/294.

(54) البرهان، الزركشي 3/276.

(55) الخصائص 1/298.

(56) المحتسب 1/65-66-67. وانظر مثل هذا الكلام : المقتصد 1/229، وفن البلاغة، عبد القادر حسين ص 103-104، وأثر النحاة في البحث البلاغي ص 305.

(57) انظر : نظرية اللغة، عبد الحكيم راضي ص 218-219.

(58) المحتسب 2/284، والخصائص 2/218.

(59) نظرية اللغة ص 219-220، وأثر النحاة في البحث البلاغي ص 85.

(60) المحتسب 2/362-363.

(61) الكتاب 1/ 14.

(62) الألسنية التوليدية ص 27.

(63) من أسرار اللغة ص 244.

(64) نظرية العامل ص 313.

(65) الكليات، الكفوي 2/11.

(66) الدلائل ص 108- 109.

(67) مواهب الفتاح 1/389، ومختصر التفتازاني 1/389.

(68) الإتقان 3/35.

(69) مواهب الفتاح 2/ 110.

(70) ينظر على سبيل المثال مفتاح العلوم ص 194-195، والخواطر الحسان ص 148، والبلاغة العربية في ثوبها الجديد، بكري شيخ أمين من ص 147إلى ص 152، وأساليب التأكيد في اللغة العربية ص 66- 67.

(71) المطول ص 186.

(72) مواهب الفتاح 2/116، وفن البلاغة، عبد القادر حسين ص 109.

(73) مفتاح العلوم ص 221، والأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية ص116.

(74) مواهب الفتاح 1/391، وانظر : التلخيص ص74-75، ومعاهد التنصيص 1/136، والإشارات والتنبيهات، الجرجاني ص 45.

(75) الإشارات والتنبيهات ص 78.

(76) الإشارات والتنبيهات ص 45، والتلخيص ص 125، ومختصر التفتازاني 1/393، وبغية الإيضاح 1/211-212.

(77) مواهب الفتاح 1/393-394 والإيضاح ص135.

(78) حاشية الدسوقي على السعد 2/115-116.

(79) التلخيص ص74-75.

(80) من أسرار اللغة، إبراهيم أنيس ص 246-247.

(81) مواهب الفتاح 2/114.

(82) الإيضاح ص140.

(83) مختصر التفتازاني 1/394.

(84) مواهب الفتاح 1/395، وانظر : الطراز 2/13-14.

(85) الأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية ص124.

(86) البرهان ، الزركشي 3/236، وانظر : التلخيص ص92، ومعاهد التنصيص 1/159.

(87) الإشارات والتنبيهات ص 78، والتلخيص ص 124-125، وشرح التلخيص للبابرتي ص300.

(88) الإشارات والتنبيهات ص78، والتلخيص ص 124-125 وشرح التلخيص للبابرتي ص300.

(89) الدلائل ص131، والكتاب 1/41، وانظر : البلاغة القرآنية، أبو موسى ص101-102.

(90) الكشاف 1/661، وانظر البلاغة القرآنية ص 286.

(91) الإيضاح ص 136، ومختصر التفتازاني 1/ 394.

(92) مواهب الفتاح 1/394.

(93) الإتقان 3/35.

(94) مواهب الفتاح 2/110، والكليات 2/9-10.

(95) الإشارات والتنبيهات ص 78.

(96) الإيضاح ص 140.

(97) المصدر السابق ص 156.

(98) الأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية ص117.

(99) انظر بتفصيل : حقل المعاني عند البلاغيين المتأخرين، فاضل وهبي ص29-30-31.