المحددات الاجتماعية والثقافية للتبرع بالدم

احتضنت رحاب مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة مساء الثلاثاء 18 أكتوبر 2011، عرضا لخلاصات ونتائج الدراسة الميدانية حول “المحددات الاجتماعية والثقافية للتبرع بالدم” تقدم به الباحث محمد مصباح . وتندرج الدراسة ضمن المشروع البحثي للمركز “قضايا التضامن الاجتماعي في المغرب”، الذي يعد حلقة أولى من حلقات المشروع الرئيس: تحولات المجتمع المغربي المعاصر.  كما أن العرض هو ثمرة جهد وسلسلة من اللقاءات دامت سنة ونصف، ويمثل حلقة وصل بين المجال الأكاديمي ومجال مراكز البحث، انطلاقا من سؤال طرحه الباحث: كيف يتم تكييف البحث الأكاديمي ليكون في خدمة المشاريع البحثية للمراكز المختصة بالبحوث والدراسات؟

فبحضور نخبة من الباحثين والفاعلين في مجال التبرع بالدم بالجهة الشرقية، وبعض مسؤولي المركز الجهوي لتحاقن الدم، استهل الباحث عرضه بالإشارة إلى ندرة  مثل هذه الدراسات الميدانية، كما أنها اعتمدت مناهج وتقنيات متعددة، من ضمنها توزيع 200 استمارة عن طريق المقابلة المباشرة، وكانت الاستجابة 187 من العينة المستهدفة (السن، الجنس، الحالة العائلية والحالة السكنية) وقد شملت الدراسة مدينتي الرباط سلا.

وقد حددت إشكالية البحث في: ما هي المحددات الاجتماعية لسلوك ومواقف المتبرعين بالدم في المغرب؟ وقد وضع الباحث جملة من الفرضيات مست (السن، الجنس، المستوى التعليمي، قابلية التبرع) أما العوائق فتتمثل في البنية المؤسساتية والبنية الثقافية. وحاولت الدراسة  التركيز على مبدأ أساسي يتعلق بـتمثل التبرع بالدم باعتباره فعلا ذهنيا تتم من خلاله معرفة الشيء (إدراكيا، خياليا، نفسيا وثقافيا)؛ تجربة عيد الأضحى مثلا، وأهداف المتبرع وحوافزه أو موانعه، كما يتغيا البحث بناء معرفة تمزج بين تخصصين (سوسيولوجيا الصحة والمرض وسوسيولوجيا الهبة والتضامن) داخل نفس الحقل المعرفي الواحد. وللبحث أهداف عامة وأخرى خاصة يمكن إجمالها في: فهم طبيعة العلاقة التي يتمثل من خلالها الفرد والمجتمع التبرع بالدم  وتحليل علاقة المؤسسات الصحية بالنسق الثقافي ورصد المعاني والبناءات الرمزية حول مفهوم الدم.

وقد أشار المتدخل إلى جملة من المؤشرات الاجتماعية الدالة.فقد خلص إلى أن التبرع بالدم في المغرب ليس عادة منتشرة، حيث لا تتعدى نسبة التبرع,70  في المئة مقارنة بفرنسا التي تصل نسبة التبرع فيها عشرة بالمئة، والنسبة التي تقرها منظمة الصحة العالمية هي ثلاثة في المائة،، ومع أن النسبة في المغرب تعتبر متدنية  يلاحظ تزايدا في عدد المتبرعين في السنوات الأخيرة.

وأكد الباحث في معرض حديثة أن السياسات التي عملت من خلالها الدولة الحديثة على إضعاف نسق التضامن التقليدي ، مثل “الجْماعة” و”آيت الربعين” والتكافل الأسري والاجتماعي (الأسرة الممتدة)، لم تبتكر بدائل حديثة للتضامن؛ بعد أن هيمنت الأسرة النووية وتفككت النظم التضامنية الاجتماعية. وهنا يفتح الباحث قوسا للحديث عن مظاهر اليقظة التي حاولت تدارك النقائص وسد الثغرات وذلك من خلال “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” و”مكونات المجتمع المدني.

 وخلصت الدراسة إلى أن مؤسسات التبرع بالدم في المغرب تتكون من 16 مركزا جهويا و13 بنكا للدم و29 وحدة للتبرع. ويمثل المسجد والمدرسة مرتكزين أساسين لدعوة المواطنين وحثهم على التبرع بالدم. حيث يلعب المسجد دورا أساسيا في جمع التبرعات التي تصل نسبتها خمسين في المئة، وتتزايد في شهر رمضان. كما أشار الباحث إلى أن الضعف اللوجستي يمثل عائقا من عوائق التواصل، علاوة على ضعف استغلال الشبكة العنكبوتية وعدم توفر المراكز على حواسيب محمولة، وعدم رضاها عن الوسائل التي يوفرها لها المركز الوطني لتحاقن الدم.

وقد خلص الباحث إلى المعادلة التالية: تمثل إيجابي للدم + الثقة في المؤسسات  = تبرع منتظم.