الوساطة وسيلة لتفعيل آلية الصلح في النزاعات الأسرية

تكمن أهمية الموضوع في كون الوساطة وسيلة تبنتها الآن مجموعة كبيرة من الدول، لتدبير النزاعات. والسؤال المطروح هو: كيف يمكن استعمال الوساطة وسيلة لإنجاح عملية الصلح في النزاعات الأسرية حسب ما جاءت به مدونة الأسرة الجديدة؟.

للإجابة عن هذا السؤال سوف أقسم هذه المداخلة إلى نقطتين:

المحور الأول: مفهوم الوساطة وعلاقتها بالصلح

المحور الثاني: كيفية إدماج الوساطة واستغلالها كوسيلة لإنجاح عملية الصلح

المحور الأول: تعريف الوساطة وعلاقتها بالصلح حسب ما جاء في المدونة الجديدة للأسرة

1-  تعريف الوساطة

الوساطة بمفهومها الواسع هي وسيلة لحل النزاعات عن طريق تدخل طرف ثالث أجنبي عن النزاع ومحايد ولا يملك أي سلطة للتحكم في النزاع إلا ما يرتضيه الأطراف – إنه الوسيط –

وفي هذا الصدد أحيلكم على تعريف Jean François six

في كتابه  Le temps des médiateur ” زمن الوسطاء “

والذي يعتبره المهتمون مرجعا مهما لهم: يقول هذا المؤلف في كتابه: للوساطة ثلاثة أنواع:

الوساطة التي تنشئ العلاقة

الوساطة التي تجدد العلاقة

الوساطة التي تصحح العلاقة….

2-  الوساطة وعلاقتها بالصلح….

المحور الثاني: كيفية إدماج الوساطة واستغلالها لإنجاح عملية الصلح في الميدان الأسري

إذا كان قانون 05.08 المتعلق بالتحكيم والوساطة قد نص على الوساطة الاتفاقية فقط فإن الوساطة المتعلقة بقضايا الأسرة، يمكن إدراجها في هذا النوع أي الوساطة الاتفاقية خلافا لما هو موجود في بعض الأنظمة الأوربية مثلا حيث أصبحت الوساطة الأسرية وساطة قضائية بل وأحيانا وساطة إجبارية.

وإذا كان الصلح في قضايا الأسرة مسطرة إجبارية يلتزم بها قاضي الأسرة قبل الخوض في الطلاق، فإن الظروف التي يتم فيها الصلح في هذا المجال لاتسمح بإنجاح عملية الصلح ولعل الإحصاءات والواقع الذي يعيشه القضاء في ميدان الأسرة خير دليل حيث إن القاضي بحكم تكوينه والتزاماته المهنية لا يستطيع أن يجمع بين البث في ملف الطلاق والقيام في الوقت نفسه بكل الآليات التي يتطلبها الصلح…

وعليه فإنه إذا ما أردنا تفعيل الصلح في ميدان النزاعات الأسرية يجب أن تناط عملية الصلح لشخص متفرغ ولديه التكوين الخاص في تدبير النزاع وإقناع الأطراف بضرورة التفاوض والحوار البناء من أجل الوصول إلى صلح واتفاق يحفظ حقوق الأطراف . ونعني هنا بالأطراف كل شخص له مصلحة تتأثر بهذا الطلاق: الاطفال…

يمكن للأطراف بتعاون مع القاضي اللجوء إلى وسيط حسب ما نصت عليه المادة 327-59 و المادة 327-61 …من القانون 08-05 المتعلق بالوساطة والتحكيم بعيدا عن جو المحكمة والتقاضي وبعيدا أيضا عن تأثيرات الأقارب والعائلة…

ولإثبات نجاعة الوساطة في إنجاح عملية الصلح في النزاعات الأسرية يجب تبيان العلاقة بين الوساطة والصلح على أساس أن الصلح يكون غاية تهدف إليها الوساطة…

1-  مفهوم الصلح…

2-  العلاقة بين الصلح والوساطة