مسلمات القراءة عند الأصوليين

استضاف المركز الأستاذ يحيى رمضان في الخامس من يناير 2005 لتأطير

محور مسلمات القراءة عند الأصوليين .

 وقد كان اللقاء مناسبة لتجذير البناء المنهجي الأصولي للعلوم الإسلامية .

وقد سعى الأستاذ من خلال عرضه إلى استجلاء المسلمات التي ارتكزت عليها القراءة عند الأصوليين والكشف عن الأولويات التي استثمرتها والمساطر الإجرائية التي من خلالها فهمت النص وأولته محاولة القبض على دلالته . ومن ثم الإشكالات النظرية التي تعاطت معها هذه القراءة وهي تسعى لبناء نموذج تأويلي ملائم لنص الوحي ومنسجم مع طبيعته اللغوية . كل ذلك في أفق هم معرفي برفض أن يقرا الماضي بروح ميتة تفقده خصوبته وحيويته وصلته المستمرة والمتفاعلة مع الحاضر وانشغال منهجي يسعى لاستثمار مناهج تحليل الخطاب لاسيما في بعديها اللساني والسيميائي .

إن هذه القراءة وهي تستهدف قراءة النموذج الأصولي في قراءة الوحي لا تأبه بنتائج بعض القراءات المتسرعة والإيديولوجية التي استهدفت هدم هذا النموذج من أجل تأسيس نموذج بديل عنه في الوقت التي لا تتجاهلها تماما بوصفها تجسيدا وصدى لبعض مسلمات القراءة المتطرفة الغربية .

إن هذه القراءة ومن خلال حوارها للتراث في جانبه الأصولي لا تتغيأ تمجيده ، فهو أغنى وأعمق وأقوى من ان يكون مفتقرا إلى هذا النوع من القراءة بقدر ما تبتغي فهمه وإدراكه ذلك الفهم والإدراك اللذين يجعلان منه تراثا قابلا للحياة متفاعلا مع مستجداتها ومحافظا في الوقت نفسه على تميزه وأصالته .

فمن قدرنا المحتوم في الوقت الراهن وفي اللحظة الحضارية الحالية استحالة النظر إلى ذاتنا في معزل عما يخترقنا من ذات الآخر وإذا كانت كل نظرية أو نسق من الأفكار ضمن مجال حضاري معين لا يمكن أن يتحدد إلا ضمن مجال حضاري معين فكذلك اليوم بالنسبة للأنساق والنظريات ذات المجالات الحضارية المختلفة .

إن أي قراءة للتراث تتم في اللحظة الحضارية الحالية لا يشغلها هم الإجابة عن الإشكالات المعاصرة ستحكم على نفسها ضرورة بالعجز .إذ لن نستطيع  قراءة هذا التراث إلا قراءة مكرورة مجترة تعيده لغة وحتوى . وحتى ذلك لن يتحقق لها بالقدر الكبير من النجاح ، لأنها لن تتفوق حتى ولو  اجتهدت عن أصحابه الذين أنجزوه انطلاقا من هموم اللحظة  الحضارية   التي عاشوها ومن ثم لا يمكنها إلا أن تنجز قراءة ناقصة.