حول فهم انهيار النظام المالي العالمي

نظم مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، صبيحة السبت 17 دجنبر 2011، حلقة علمية في موضوع “حول فهم انهيار النظام المالي العالمي”، أطرها الأستاذ والباحث في مجال الاقتصاد الدكتور عبد القادر بندالي.

 افتتح الباحث عرضه بملخص عن مداخلة قدمها سنة 2007 بالرباط، تحت عنوان “الأسواق المالية: نحو السقوط”، مركزا على طبيعة الأزمة (المصرفية والنسقية)، والتضليل الإعلامي الذي انتهجته الميديا الأنكلوسكسونية من أجل إخفاء حقيقة الأزمة المالية بأمريكا، التي عصفت بعشرات البنوك، بل راح ضحيتها عدد من المدن والدول التي أفلست اقتصاديا وتنمويا وماليا.

بعد ذلك انتقل إلى صميم عرضه، فقدم قراءة لخلفيات الأزمة المالية والأسباب التي أدت إلى انهيار النسق المالي العالمي، وعزز قراءته بالأمثلة الواقعية والتوضيحات المجازية والرياضية والبيانات والصور، وتحدث عن الإرهاصات الأولى وتسهيلات القروض عن طريق بطائق الائتمان، وهنا أضاء الجانب غير المرئي للمشهد المالي بنسقيه الواقعي والافتراضي، ولتوضيح رؤيته اقترح رسما بيانيا يبين من خلاله الاقتصاد الواقعي الحقيقي وعلاقته بأسواق العملة وسوق الديون الذي أطلق عليه اسم “الشيء” وهو السرطان الذي يزداد تعاظما لدرجة سيبتلع فيها الاقتصاد الواقعي، وحلل العملة كوحدة قياس في المجال النقدي والمالي والاقتصادي، وأعطى على سبيل المقارنة مثلا بوحدات القياس الأخرى (المتر والكيلو…)، متسائلا على شكل استفهام استنكاري حول ما إذا طرأ تغيير على (المتر) أو (الكيلو) مثلا؟ ليخلص أن العملة كوحدة قياس لم تعد تعكس حقيقتها كمعادل لقيمة المنتوج، والسبب هو خوصصتها. وهذا النسق، يقول الباحث، أدى إلى جمود في حركة العملة وبالتالي إلى تقلص الأنشطة الاقتصادية. حيث كلما تحركت الورقة النقدية خلفت حركة ورواجا اقتصاديا وخلقت مناصب شغل، وأعطى مثلا بشهر رمضان الذي يتميز بالرواج، وفسر ذلك بحالة الكرم التي تتسع بين الناس ومشاعر التضامن التي تحمل المسلمين على التصدق والإنفاق بسخاء على المحتاجين.

ووصف الباحث النظام المالي العالمي بالنظام الاستعبادي الذي دمر شعوبا والتهم مصادر الثروة وهو الآن على شفير الانهيار، وهذا النظام لم يخلق سوى القلق والجشع وجعل 97 في المئة من ثروة العالم في يد 3 في المئة فقط، وبالتالي حرم 97 في المئة من البشرية، من حياة كريمة وعادلة، وهذا النظام لا يمكن أن يؤدي إلا إلى الكارثة.

وأعطى عددا من الأمثلة من أمريكا وأوروبا والصين، لشرح أسباب الأزمة المالية التي تتخبط فيها بلدان كثيرة بما في ذلك أمريكا وانكلترا اللتان تحاولان إخفاء أزمتهما بالتضليل الإعلامي على حد قوله.