مواد حقوقية في الفقه الإسلامي

نظم مركز الدراسات والبحوث الإننسانية والاجتماعية بوجدة، حلقة علمية في موضوع (مواد حقوقية في الفقه الإسلامي )، من تأطير الأستاذ المفضل المومني (أستاذ الفقه بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بوجدة) وتسيير الأستاذ محمد مصلح مساء الجمعة 04 ماي 2012، بمقر المركز -منار المعرفة. وقد عرفت الحلقة نقاشا مستفيضا من الحاضرين الذين أثروها بملاحظاتهم وإضافاتهم وتساؤلاتهم.

يشتغل الدكتور المومني في الحقل الأكاديمي على إبراز مظاهر حقوق الإنسان عند الفقهاء كما لديه دراسات مقارنة بين حقوق الإنسان في المواثيق والقوانين الأممية واجتهادات الفقهاء ، وحسب التعريف الذي قدمه الأستاذ مصلح، يُعتبر الدكتور المومني رائدا في هذا المجال.

استهل الباحث عرضه بالتعليق على عبارة وردت في مقال لإحدى الصحفيات تعبر فيه عن استغرابها بالقول: “فوجئت حينما اطلعت على تعريف بن حنبل للسجن “، وهو تعريف يترجم الجانب الحقوقي الذي أولاه الفقهاء عناية كبيرة.وقد عبرت الصحفية عن اندهاشها من الجانب الإنساني الذي تضمنه النص الفقهي في تعريفه للسجن.

وتعليقا على هذا الاستغراب، يقول الباحث أنه ناجم عن جهل هذه الصحفية بالإرث الفقهي الذي يزخر بهذا المظهر الإنساني والحقوقي، وهذا الجهل يمس أغلب الإعلاميين والمثقفين وحتى الناشطين في الحقل الحقوقي الذين يكتفون بالتعاريف والتهم الجاهزة.

وقدم طائفة من النصوص الفقهية التي تتضمن “مواد قانونية” أولت البعد الإنساني اهتماما ملموسا. واستشهد بمقتطفات من اجتهادات بن تيمية حول الحبس الشرعي وإسهامات الفقهاء في بناء ثقافة حقوق الإنسان، حيث كل حكم شرعي يكون فيه حق للعباد، على حد تعبيرالشاطبي، وكل اجتهاد فقهي إنما يرمي إلى درء المفاسد وجلب المصالح مثلما يرى العز بن عبد السلام.

ويرى الباحث أن “الحقوق” ما هي إلا مصالح مشروعة، وقد ركزت النصوص الفقهية على “المصالح” التي ليست في المحصلة سوى “حقوق”.

كما استشهد بنصوص فقهية أكدت على حق الناس في الحياة الكريمة، من مسكن وملبس ومشرب، والحق في التعلم وحرص الفقهاء على صون الدماء، بل هناك من الفقهاء من جعل “حقوق الأحياء مقدس في الشريعة وهي أولى من حقوق الله”، وقد استند إلى اجتهادات أبي عبد الله المقري، وابن حزم، من منطلق أن كل مصلحة تدفع حاجات الناس ومصالحهم فهي حق لهم.

وحول الحريات في المتن الفقهي، فقد كان الشرع متشوفا إلى الحرية وهذا ما اقره الفقهاء في نصوصهم التي أكدت أن “الأصل في الناس الحرية” وأن المنع من الحرية ليس هو الأصل في العقوبات، حيث من حق المسجون أن يحظى بحياة لا تحرمه من إنسانيته مثل المبيت عند أهله ومعاشرة زوجته.

وتطرق الباحث إلى مظاهر العدل، وإجبارية التعليم وإتاحته للناس، مثلما نصت نصوص فقهية مؤكدة أن الجهل مفسدة يجب على العلماء إزالته ومحوه، كما قرأ نصوصا تدعو إلى دولة الرفاه، وهي نصوص ذات مضامين تنموية، تدعو الدولة إلى تشجيع الناس على العمل والاستثمار ومحاربة اقتصاد الريع، والتوزيع العادل للثروة.