كلمة المركز في حفل إفتتاح الموسم العلمي 2011-2012

على بركة الله وبحسن توفيقة؛

وعلى أفضل العزم الذي نستمده منكم جميعا: مشاركة وتشجيعا وحضورا؛

وعلى عادتنا التي أضحت منذ عدة سنوات محطة سنوية ثابتة للتواصل واللقاء في مفتتح كل موسم علمي جديد، واليوم في “منار المعرفة” صرح وجدة العلمي والثقافي، ومقر مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية وكل المثقفين والباحثين وطلاب المعرفة بهذا الوطن العزيز.

وعلى ما استطعنا أن نراكمه من تجربة متواضعة في سنوات من العمل مضت، ترسخت فيها هوية مركزنا: مؤسسة للمعرفة، والبحث العلمي، ولتشجيع الباحثين والمثقفين شيبا وشبابا، وللإشعاع الفكري والثقافي لمدينتنا وجهتنا ووطننا، وفضاءا للحوار العلمي والمجتمعي الراقي المسهم في ترسيخ قيم التواصل والتعارف. هدفه وصل المجتمع بالبحث العلمي وفق شعار المركز “نحو بحث علمي يصغي لأسئلة المجتمع ومجتمع يسترشد بالبحث العلمي”.

نفتتح برنامجنا العلمي السنوي لموسم 2011- 2012، في هذا الفضاء المعرفي الذي أعطى لوجدة دفعا جديدا في مستوى الفعاليات والتظاهرة المنظمة بها فأضحت تعرفا مستوى وطنيا ودوليا متميزا.

وإذا كانت المناسبة هي تقديم حصيلة عام مضى من العمل الدؤوب والمتواصل، وبرنامج عملنا لسنة قادمة. فليس هدفنا منه استعراض جملة مسارات مركزنا وبرامجه وأنشطته العلمية وقد تجاوزت اليوم ثلاثمائة فعالية وبرنامج علمي ونشاط فكري.

بل الهدف هو التواصل الذي نراه واجبا معنويا والتزاما أخلاقيا مع كافة شركاءنا المجتمعيين والمؤسسيين وجمهور الباحثين، لذا فإننا نستأذنكم في إعطاء صورة عامة عن برنامجنا ومساراتنا في البحث والتكوين خلال هذه المدة.

لقد كنا في مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة قد أطلقنا بداية الموسم العلمي الماضي محورا بحثيا موضوعه قضايا التضامن الاجتماعي في المجتمع المغربي المعاصر كمرحلة أولى في مشروعه البحثي الرئيس “تحولات المجتمع المغربي” مدشنين بذلك مشاريع فرعية للبحث في إطار هذا المشروع الكبير تتصل ببعض المجالات الخاصة كقيم التضامن في وسائل الإعلام، ودراسة اتجاهات السلوك الاجتماعي في إطار بعض مجالات التضامن كالتبرع بالدم، وقضايا السلم الاجتماعي والوساطة الاجتماعية، بالإضافة إلى تدشين العمل في إعداد التقرير المغاربي الأول كعمل ارتيادي قار عن المغرب العربي.

هذا في مجال الدراسات الاجتماعية، أما فيما يتصل بالدراسات الإنسانية واللغوية فيأتي المشروع البحثي الخاص بقراءة الوحي، ومشروع اللسانيات النسبية المؤسس لمدرسة مغربية في الدراسات اللسانية، وإعداد أطلس للدراسات اللغوية بالغرب الإسلامي، ومشروع دراسة عن إشكاليات تدريس اللغة العربية، بالإضافة إلى إطلاق عمل مختبر للدراسات والبحوث حول الشرق المغربي، وإعداد تقرير مسحي شامل عن الترجمة بالمغرب يغطي ربع قرن من الترجمة العلمية ببلادنا.

وقد كان من نتائج هذا العمل على مستويي مشاريع البحث والبرامج العلمية انطلاق برنامج النشر بالمركز الذي بلغت حصيلته إلى الآن عشرة أعمال من سلاسل إصاراتنا المتنوعة.

وفي ذات السياق يأتي استئناف عمل المركز خلال الموسم العلمي الحالي ببرنامج علمي من عشرين نشاطا علميا بين مؤتمر دولي وندوة علمية ويوم دراسي ومهرجان ثقافي، ومخطط لمتابعة برنامج الإصدارات بعشر أعمال جديدة جاهزة للنشر، وإصدار تقريرين علميين وإخراج العدد الأول من مجلة المركز “المجلة المغربية للعلوم الإنسانية والاجتماعية“، ومتابعة تطوير الموقع الإلكتروني للمركز الذي أضحى قناة تواصل أساسية بين مركزنا وجمهور الباحثين والمثقفين، خاصة في ظل ما نتوقعه من اتساع قاعدة رواده التي فاقت خلال الموسم الماضي 13 ألف زائر، بفضل الخدمة الجديدة التي سيطلقها الموقع قريبا، وهي خدمة البحث في مصادر الرصيد الوثائقي لخزانة المركز عبر موقعه الإلكتروني. إلى جانب برنامج خاص بالتنشيط الثقافي وتشجيع المبدعين وتوقيع الكتب الصادرة من الجهة الشرقية أو عنها وذلك بقاعة العرض الدائم بالمركز.

هذا فيما يتصل ببرامج البحث والأنشطة العلمية والنشر، أما فيما يتصل ببرنامج التكوين المعد لهذا الموسم الذي يقوم على إنجازه قسم التكوين فيشمل تكوينات في مختلف مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية واللغوية والاقتصادية والإعلامية ومناهجها وتقنياتها، ويضم 23 تكوينا، من 230 ساعة تكوين على امتداد السنة، بالإضافة إلى استكمال إعداد منصة للتعليم عن بعد ستكون لها استخداماتها الهامة لصالح الباحثين وطلاب المعرفة داخل الوطن وخارجه. كل ذلك أشرف على إخراجه ثلة من الأساتذة الجامعيين والخبراء المختصين، أنتهز هذه الفرصة لأتقدم لهم بالشكر الخاص على المجهود الذي بذلوه في العمل على إعداد هذا البرنامج بشكل متواصل طيلة العطلة الصيفية الماضية.

كما أنتهز الفرصة لأعلن انطلاق برنامج “دعم البحث العلمي بوجدة” الذي يخصص من خلاله 100 منحة للطلبة الباحثين المتميزين برسم الموسم 2011-2012، والذي سينجزه المركز بالتنسيق مع إدارة المؤسسة الجامعية.

من خلال هذا الشكر أود التنويه إلى أن أي من هذه البرامج والمشاريع ما كان له أن ينجز لولا العمل الدؤوب والجهد المخلص الذي يبذله عشرات من الباحثين والدارسين والمترجمين الذين يبذلون من علمهم وجهدهم ووقتهم في صمت وتفان يستحقون عليه كل الشكر والتقدير.

لقد صارت صلات التعاون العلمي بين مركزنا وبين شبكة الباحثين والمثقفين المغاربة من داخل المغرب وخارجه تمثل لنا لا مجرد عامل دافع ومساعد في إنجاز المشاريع العلمية فحسب، بل طاقة أمل في هذه الكفاءات المغربية اللامعة على صعيد الجهة والوطن، ومن المغاربة عبر العالم، منوهين إلى اتساع صلات التعاون العلمي الوطني والدولي للمركز هذه السنة لتشمل مؤسسات علمية وجامعية من المغرب وبلجيكا وألمانيا.

في الختام أود باسم مركز الدراسات الإنسانية والاجتماعية بوجدة أن أتقدم بصادق الشكر وخالص التحية لكل من ساهم ولا يزال يساهم في هذا الإنجاز العلمي والحضاري لوطننا ولهذه الجهة الشرقية منه.

أرفع اولا خالص الشكر والعرفان لمقام أمير المؤمنين جلالة الملك أعزه الله الذي شرف هذا المركز بسابغ عنايته في التفاتته الكريمة والبليغة بتدشين هذا المقر الجديد في شهر يونيو من هذه السنة؛

وإلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ممثلة بالسيد الوزير الأستاذ الدكتور أحمد التوفيق على مستوى وعيه الراقي بأهمية مؤسسات البحث، الذي تجلى إن في شراكة الوزارة وتعاونها على إنجاز هذا المركب العلمي، أو في افتتاحه سلسلة الأنشطة العلمية به بمحاضرة متميزة.

وإلى السيد رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة الذي لولا رعايته ودعمه لهذا المشروع ماكان له أن يستمر، ومن خلاله لكافة السادة أصحاب الفضيلة العلماء أعضاء المجلس العلمي على حضورهم الذي نتشرف به.

وإلى وكالة تنمية الجهة الشرقية على شراكتها المثمرة والمستمرة في تجهيز المركز على أعلى المستويات ليكون جديرا باستقبال تظاهرات من مستوى دولي.

وإلى السادة المحسنين الذين ما فتئنا نعبر عن اعتزازنا بمستوى وعيهم بدورهم المجتمعي والمواطن، على دعمهم المستمر لعمل المركز ومشاريعه.

وإلى جامعة محمد الأول الني تجمعنا بها اتفاقية شراكة تعرف اليوم مبادرات لتفعيلها وتطويرها خدمة للبحث العلمي من قبل رئاسة الجامعة على امتداد مراحل عمل المركز منذ تأسيسه.

وإلى السادة رؤساء المؤسسات الجامعية التي تربطنا بها جميعا وبلا استثناء علاقات تعاون متميزة في فعاليات أو مشاريع علمية.

وإلى أهل هذه الجهة الشرقية من وطننا، وخاصة سكان وجدة الكرام الذين يغمرون المركز بمشاعر الود ومبادرات الاحتضان، والتي تجلت في التبرع بالمخطوطات والأرشيفات والوثائق، وتحبيس الخزانات الخاصة والعائلية التي بلغ بعضها عشرة آلاف كتاب على خزانة المركز.

وإلى السيد رئيس الجماعة الحضرية لوجدة إحدى الجهات الداعمة لهذا المشروع، وإلى كافة منتخبي وجدة وبرلمانيييها ورؤساء غرفها ومستشاريها باختلاف انتماءاتهم السياسية على احتضانهم لهذا المشروع.

وإلى كافة الأحزاب السياسية الوطنية وممثليها بوجدة الذين نقدر لهم اختيارهم مركزنا كفضاء للحوار، وإلى قياداتها التي تلقينا من بعضها رسائل شكر وتهنئة.

وإلى السيدات والسادة نساء ورجال الإعلام بمختلف منابرهم على الشراكة والتعاون الذي يجمعنا بهم، وعلى حضورهم المهني الدائم في فعاليات مركزنا.

وإلى كافة زملائي من الباحثين بالمركز والمتعاونين معه وأخص منهم بالذكر السادة أساتذة جامعة محمد الأول.وإلى أسرة المركز من الإداريين و كافة العاملين.

سمير بودينار

رئيس المركز